بسم الله الرحمن الرحيم
مفهوم مراقبة الله تعالى :
المراقبة لغة: مصدر مأخوذ من راقب يراقب مراقبة، وتدل على الانتصاب لمراعاة الشيء. والرقيب : الحافظ . وراقب الله في أمره : أي خافه (2)
وقال المحاسبي : "المراقبة دوام علم القلب بعلم الله عز وجل في السكون والحركة علماً لازماً مقترناً بصفاء اليقين " . (2)
قال ابن القيم: " المراقبة دوام علم العبد، وتيقّنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه " . (3)
وقال القاسمي: " المراقبة هي ملاحظة الرقيب، وانصراف الهم إليه" . (4)
***********************
1-
الفرق بين المراقبة والإحسان :
ـ أن المراقبة تشمل المراقبة في الطاعات وفي المعاصي وفي المباحات، والإحسان يشمل المراقبة في الطاعات والعبادات فقط. (1)
قال في تعريف الإحسان: ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))
.(2)
قال ابن قدامة: " أراد بذلك ـ أيالإحسان ـ استحضار عظمة الله، ومراقبته في حال العبادة" . (3)
وقال ابن الأثير: "أراد بالإحسان الإشارة إلى المراقبة، وحسن الطاعة" . (4)
وقال النووي في شرحه للحديث: "فمقصود الكلام الحث على الإخلاص في العبادة، ومراقبة العبد ربه ـ تبارك وتعالى ـ في إتمام الخشوع والخضوع" . (5)
وقال ابن حجر: " وإحسان العبادة الإخلاص فيها والخشوع، وفراغ البال حال التلبّس بها، ومراقبة المعبود..." . (6)
وقال حافظ الحكمي : " فبين النبي أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين: أعلاهما : عبادة الله كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة، والثاني: مقام المراقبة". (7)
وقال ابن رجب: " والإحسان في ترك المحرمات الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها " .(
ـ إن الإحسان أعم من المراقبة من جهةأخرى؛ فإن الإحسان يطلق على الإحسان إلى الخلق بالإنفاق ووجوه البر؛ قال تعالى: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ}
[البقرة:195]،
وقال عز وجل: {وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَـٰنَ بِوٰلِدَيْهِ إِحْسَـٰناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَـٰلُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وٰلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنّى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف:15].
قال ابن رجب: " وهذاالأمر بالإحسان تارة يكون للوجوب، كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البر والصلة، والإحسان إلى الضيف بقدر ما يحصل به قراه " . (9)
ـ وبعض العلماء لم يفرقوا بينهما في المعنى فأطلقوا الإحسان على الطاعات والمباحات أيضاً.
قال أبو محمد القصري: " والإحسان مقامه واحد،ولكن لما كانت العبادة ظاهراً وباطناً، انقسم الإحسان على حسب العوالم... فإن العبادة كما تقدم على ثلاثة: أوامر، ونواهي، ومباحات" . (10)